مبابي- النجم الشاب والمسؤولية الاجتماعية في عالم كرة القدم
المؤلف: عبدالهادي المستادي، وفاء يعقوبي (الدوحة) okaz_sports@10.09.2025

أن تصبح نجماً لامعاً في عالم كرة القدم وأنت في أوج شبابك، وحينما تكون الأضواء مسلطة عليك بشكل دائم، وتكون تحركاتك موضع اهتمام المراقبين داخل المستطيل الأخضر وخارجه، فإن ذلك سيضع على عاتقك مسؤولية جسيمة، خاصةً تجاه الأجيال الناشئة الصاعدة. حديثنا اليوم يتمحور حول النجم الفرنسي اليافع كيليان مبابي، حاضر كرة القدم الزاهر ومستقبلها المشرق.
بعد فوز كيليان مبابي بالنسخة الماضية من بطولة كأس العالم في روسيا عام 2018، وهو في عمر التاسعة عشرة ربيعاً، وعقب نجاحاته الباهرة مع ناديي موناكو وباريس سان جيرمان، بات قدوة حقيقية لا تقتصر على أبناء وطنه فحسب، بل لكل صبي طموح يسعى جاهداً لتحقيق أحلامه المنشودة. هذا التألق والنجاح جعلاه شخصاً يُقتدى به، ولكن اللافت للنظر حقاً هو مدى إدراكه ووعيه العميق بحجم تأثيره الهائل على الآخرين. مبابي، على الرغم من صغر سنه، أظهر في مناسبات عدة أنه على إلمام كامل بتأثيره في شباب المستقبل.
المتابع عن كثب للمنتخب الفرنسي سيلاحظ بكل تأكيد أن مبابي يتجنب الظهور في الصور الجماعية للفريق، ويعزى ذلك إلى خلافات قائمة بين الطرفين، أي بين مبابي والاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بشأن حقوق الصور. علاوة على ذلك، اتخذ مبابي قراراً بعدم إجراء أي مقابلات صحفية عقب مباريات كأس العالم الحالية، مع إبدائه الاستعداد الكامل لدفع الغرامة المالية التي قد يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وعندما وجه إليه سؤال حول ما إذا كان الاتحاد الفرنسي سيتكفل بدفع الغرامة نيابة عنه، أجاب بكل ثقة وثبات: «القرار قراري وحدي، وأنا من سيتحمل تبعات هذا القرار.. مبابي هو من سيدفع الغرامة». وعلى إثر ذلك، سارع الاتحاد الفرنسي ليؤكد دعمه الكامل لمبابي ولكل لاعب آخر لا يرغب في التحدث إلى وسائل الإعلام، مع إعلان استعداده لدفع أي غرامة يطلبها الفيفا في هذا الشأن.
إن التأثير الحقيقي الذي أحدثه مبابي يتمثل في إصراره الشديد على عدم دعم أو الترويج لشركات الكحول والمراهنات والوجبات السريعة. فقد تحصل مبابي على جائزة أفضل لاعب في المباراة ثلاث مرات حتى الآن: مرتين في دور المجموعات ومرة واحدة في مباراة دور الـ16 ضد بولندا. وفي كل هذه المباريات، تعمد مبابي بشكل واضح إخفاء اسم وشعار الشركة الراعية للجائزة، لأنها من الشركات التي تروج لإحدى العلامات التجارية للمشروبات الكحولية. وقد تجلى تأثير هذا القرار الذي اتخذه مبابي على زميله في الفريق، أوليفييه جيرو، الذي فاز أيضاً بجائزة أفضل لاعب في مباراة دور الثمانية ضد إنجلترا، وقام هو الآخر بإخفاء اسم وشعار الشركة الراعية.
هذا الأمر قد غير مسار النقاش حول ما سعت إليه دولة قطر ونجحت فيه، وهو منع بيع المشروبات الكحولية إلا في أماكن محدودة للغاية. وقد أثارت هذه الخطوة العديد من التعليقات الإيجابية في الأوساط العالمية، حيث أشادت بها على نطاق واسع، معتبرةً أنها جعلت كأس العالم أكثر أماناً وسلامة للمشجعين.
كل ما ذكرناه ما هو إلا فصل واحد من فصول قضية مبابي التي قد تبدو صغيرة وغير مؤثرة في الوقت الراهن، ولكن مع مرور الوقت، من المتوقع أن تتفاقم وتتحول إلى معضلة حقيقية بالنسبة له ولعلامته التجارية. وسنرى حينها كيف سيتم التعامل مع هذا الأمر. وإلى ذلك الحين، لا يسعنا إلا أن نقول: شكراً لك يا كيليان مبابي.